تظاهرات وزارة الداخلية  

Posted by Amr Abdel Azim

اجتمعت مع عدد من أمناء الشرطة أثناء احتجاجاتهم أمام وزارة الداخلية المصرية منادين بتحقق مطالب لخصت فى تحسين أوضاعهم الاجتماعية و الاقتصادية بما فى ذلك تحسين مستوى ونوعية الحياة يتحدد فى الحصول على مرتبات مرتبطة بمعدل التضخم و الأسعار فضلاً عن تحسين أوضاعهم المعيشية الأخرى فهم – ولحد قولهم – يعانون من تدنى النظرة الاجتماعية سواء من قبل الوزارة ككيان اعتباري وكذلك من بقية أفراد المجتمع حيث تدفعهم تلك الظروف الاقتصادية التى يمرون بها إلى القيام بممارسات اجتماعية تتنافى مع روح القانون و نظرة المجتمع إليه مثل القيام بأعمال غير مشروعه أو مخالفة للقانون فى سبيل الحصول على أموال . كما يشمل الأمر كذلك نظرة الوزارة إليهم على اعتبار أن هناك فجوة كبير فى معدلات الدخول بين الضباط و الأمناء فضلاً عن الامتيازات التى يحصل عليها الأول مثل رعاية صحية فائقة كما ينعمون برعاية اجتماعية متميزة فهناك النوادي وغيرها ما دفعت إلى أن يكون هؤلاء فئة داخل كيان أمنى هام يعانون من العديد من مظاهر اللامساواة الاجتماعية و الاقتصادية . و أُثر ذلك أنهم خرجوا عن بكرة أبيهم ينادون بتحسين أوضاعهم إجمالاً .

الجميع أبدى إقبالا نحوى بصفتي مدنياً ، الجميع يتهافت للحديث معك ، يصطفون فى زمرة وبقطاع بعضهم الحديث بعضاً فى سبيل التعبير عن شكواهم من سوء تلك الأوضاع و انعكاساتها على صورة العلاقة التي تجمع بين الفرد الأمني والمجتمع وعلى كلاً سعيت إلى الإجابة عن أربع تساؤلات بحثية وهى ما هي طبيعة الانقلاب الأمني فى يوم 28 يناير ؟ وما هى حقيقة أهدافهم من التظاهر أمام وزارة الداخلية ؟ هل هم مدركين لتباعات الأزمة السياسية و الاقتصادية فى المجتمع ؟ ما هى محددات المرحلة القادمة فى نظرهم لتحسين صورة وزارة الداخلية و إعادة الاعتبار للأمن فى المجتمع بما فى ذلك تحسين العلاقة بين الأمن والمواطن ؟

الإجابة فى الحلقة القادمة






تابعت عن قرب أصداء طرح أحدى مقاطع الفيديو التى أنتجت على يد أعضاء جروب فخرنا لطيفة على الفيس بوك ، وبقدر ما أدهشني روعة الإخراج الذي قدم فى حلة تعبيرية جسدت بجلاء يعبر عن روح مخرج العمل الفني وصاحب الطرح الفريد من نوعه ربما فى الجروب ككل ، وهو جهد يستحق كل شكر وتقدير وثناء .
وعلى الرغم من عمق الدلالة التى ساقها إلينا مخرج ذلك الفيديو العظيم أحمد عاطف والذي جمع بذكائه وحنكته السوسيولوجية أحدى القيم التى قد تكون غائبة عن واقعنا المعاش ،إلا وهى قيمة حب الوطن والتى سعى مخرجنا العبقري فى اختزالها فى العديد من الصور والأشكال فالقراءة النقدية لذلك العمل الفنى وللمشاهد العام تقول أن الفيديو أنتقل عبر تسجيل لأحدى اللقاءات التي جمعت لطيفة بالإذاعة المصرية والتى حكيت فيها عن نشأتها ومولدها وكيف تربت هى و أخواتها الثمانية !! فى عائلة يحبوها الحب والعطف والود ، وكأن سعى المخرج أحمد عاطف – دعونى أمنحه هذا اللقب شرفاً بما صنع ! - وكذلك لطيفة عبر اقتباسه الذكي لذلك الحوار ليوصل إلينا رسالة مفادها أن الوطن بحدوده السياسية والجغرافية و الثقافية والتي نعلمها جمعياّ ـ تنبع من العائلة بوصفها المهد الذى ينشأ فيه الأطفال حيث تسعى تلك العائلة أو الأسرة النووية بمفهوم علم الاجتماع وهى الأسرة المكونة من الأم والأب والأبناء ، والتي كانت تضطلع فى الماضي بالعديد من الوظائف مثل التنشئة والتربية الروحية والاجتماعية والجسمانية، والتى أنسحب اليوم وتقلصت أدوار ووظائف تلك الأسرة الأبوبة أو العائلة و التى كانت تقوم بالإضافة إلى الحماية والرعاية وتحقيق الأمن النفسي والاجتماعي والغذائي ، لتقوم به العديد من المؤسسات الاجتماعية بالمفهوم الحديث كالمدرسة ودور الحضانة والتي تقوم بوظيفة التعليم ودور الترفيه والرعاية الاجتماعية وغيرها من مؤسسات الدولة ، وهو ما تبدى فى نشأة لطيفة فى مهدها وريعان شبابها .

لنعود إلى تحليلنا النقدي للعمل الفني الذى بين أيدينا والذى شرفت بالحصول على نسخة منه لمدى روعته الفنية التى لا يضاهيها مثيل ، لطيفة تعبر عن قيمة حب الوطن بوصفها أحدى القيم الأخلاقية بعكس ما تنادى به العديد من الجماعات الاحتجاجية فى مصر حالياً المؤلفة من بعض الشباب بإلغاء ما أسموه " التجنيد الإجباري " تحت دعاوى من الحرية والديمقراطية بما فى ذلك الإضرار التي تصاحبها عملية التجنيد الإجباري للشباب والتى تقلص من حدود من حيث الانتخابات وتقويض مستقبله المهني ، كما لا يحقق التجنيد المساواة بين الذكور والإناث ! فى ذلك الأمر ، علاوة على أنه أمر غير دستوري تكلفه دولة القانون ، وكأننا لا نواجه عدوا مشتركاً لأمتنا العربية والذى يغتصب فلسطين والقدس ويسعى إلى تهويد المدينة و انتزاع أصولها التاريخية فالمتابعة الواعية لأعمال لطيفة الفنية وتسجيلاتها ووقفتها التي تقف فى أمام الاستبداد الأسرائيلى لفلسطين فنحن لسنا فى معرض للحديث عن ذلك الأمر حالياً .
لطيفة أشارت أن عائلتها كانت بمثابة وطنها الصغير والذي اختزلت فيها وطنها الكبير تونس بلد المنشأ ومصر بلد المقام وهى لديها حق فى ذلك الأمر ، فالمقومات البنائية لعائلة لطيفة تشير إلى ذلك ، حيث يظهر فى العديد من المشاهد مدى الألفة وروح المودة التى تجمعهم ، علاوة على ترتيب لطيفة من حيث عدد الأخوة حيث قد تتوسطهم جميعا ، أما من حيث العمر فالتركيبة العمرية لأخواتها ساهمت فى رأى بدور هام فى نقل الثقافة والقيم الأخلاقية فى صورة متداولة ومتواترة من الأكبر والأصغر سناً ، هى وغيرها من العوامل التى قد تخفى عنى وجارى البحث عن موارد حولها إلا وهى القيمة التى تجسدها " فاطمة " والدة لطيفة وهى فى نظري الصورة المعبرة عن لطيفة اليوم بوصفها تشخص صورة من المرأة العربية التى بتنا نحلم بها فى واقعنا العربي المعاصر .
لطيفة التى لم تتحرج فى ذكر أن والدتها أمية لا تجيد القراءة والكتابة ، حيث يظهر أحساس لطيفة الصادق فى وصف ذلك الأمر والذي ظهر فى العديد من التعبيرات غير اللفظية ، فهى التي أفصحت عن تلك الحقيقة ولم تسعى إلى أن توضع فى موقف سؤال حول مدى ثقافة وعلمية عائلتها الكريمة ، حيث يسعى بعض الفنانين دون الذكر إلى محاولة تلميع أبائهم وأخواتهم بما فى البيئة الاجتماعية التى نشاوا بها فى صورة مزيفة لحقائق الواقع و تسعى إلى إكساب تاريخ الفنان وهجاً ولامعاناً كاذباً ، يتكشف بالبحث عن تاريخ ذلك الفنان ، وهى أعمال قد لا تشين أو تدين الفنان الحقيقي بقدر ما تعلى هامته ، فها هنا لطيفة لم تتبرأ من أصولها الأولى ومن أمها الأمية بل أثنت عليها خير ثناء يؤصل فى ذاتي أحدى القيم الجميلة وهى بر الوالدين دون التبرأ منهم أيا كانوا وهو ما عبرت عنه لطيفة بجلاء واضح فى الفيديو .
ففضلا عن الصورة التى تجسدها " فاطمة " بوصفها نموذج يحتذي به وبات مطلبا ضرورياً للنساء العربيات فى وقتنا ، فهى - أى " فاطمة " - عملت على تنمية موهبة لطيفة فى مجال الغناء ، فهى أم ذكية قدرت قيمة الموهبة الفنية والهبة التى يمنحها الله لعبده والتي يسعى إلى العمل على حسن استثمارها فيما يفيد ويحقق الخير من ورائه وهو ما يصدق على مسيرة الحياة الفنية للطيفة ككل ، الأم التى لم تكبت تلك الموهبة أو وفقا للسياق الاجتماعي حينها ومفهوم " العيب " وهو إحدى المفاهيم التى سعينا فى علم الاجتماع إلى دراسته وتحديد محدداته الإجرائية أيا من المواقف الاجتماعية التى قد يجاز عليها عيبا أو لا ، فلعل واجهت الأم معارضة من الجميع لمواجهة لطيفة الأبنه الأنثى التى تغنى !! ، فلا يجوز فى ذلك الوقت أو قد يسمح بحدود وفقا الأطر القيمية السائدة فى المجتمعات العربية فى تلك المرحلة والتي قد تغالى فى انتزاع العديد من الحقوق السياسية والاجتماعية والدينية للمرأة وقتها .
حسن الذكاء الاجتماعي " للأم الأمية " وليست المتعلمة دفعها أن تفتح الأبواب على مصراعيها أمام الأبنه لتبهرنا بصوتها وشدوها وخير ما قدمت الأم للمجتمعتنا العربية ولهذا وجب علينا الشكر والثناء إلى أمنا فاطمة على ذلك الأمر ، وأنه حقا لدرساً فى حياتنا الأسرية ، تعلمنا فيه " الأم فاطمة" والذي دفعها وعيها العلمي بإثراء تلك الموهبة لتصل إلينا فى تلك الصورة .
وبما أن الجهل يعد عيباً نظراً لعدم حصافة المرء منا فى القراءة أو الكتابة أو أدراك تفاصيل الحياة الاجتماعية وتعقيداتها والتي تستدعى الإلمام بقواعد القراءة والكتابة إلماماً لا ينبع عن مفهوم "الشهادة " والتى بات يعتبرها المجتمع معيار لعلمية المرء ومدى تحصله على المعارف العلمية وفقا للتخصص الذى تحصل عليه المرء ، وبما أن المجتمع بمؤسساته العلمية أفقد لتلك الشهادة معنها العلمي وكونها أصبحت تؤخذ كأحد مسوغات التعيين أو من قبيل الوجاهة الاجتماعية حيث لم تعد الشهادة العلمية معبراً عن ذاتها ، هذا من حيث العلم الذى تحصل عليه المرء والذى يعد بمثابة القشور بالنظر إلى الإخفاقات التى تقع على عائق المؤسسات العلمية فى المجتمع العربى على مواكبة التيارات العالمية فى العلم و السعي إلى العلم الحقيقي الذى يتجسد كمعنى ومفهوم فى الواقع .

أمنا " فاطمة " كانت وبمثابة أم عالمة فهى ليست فى حاجة إلى الالتحاق بإحدى مراكز تعليم الأطفال أو ما شابه أو الحصول على شهادة جامعية تجيز إليها تربية الأطفال ، فهى - أى الأم فاطمة - بمثابة متخصصة فى ذلك المجال الفائق ، حيث لم يسعى مخرجنا العظيم إلى المغالاة فى التأكيد على ذلك الأمر ولعله كان صادقاً فى بعد النظر حول الأسلوب والمهارة التى تتمتع به الأم فى متابعة أبنتها فى العملية التعليمية والتى تخضع للإشراف حول عملية التحصيل العلمي للابنة ومدى تقدمها فى الدراسة ، حيث كانت تدارس الام الأمية لأبنتها دروسها !! وكيف يتحقق ذلك الأمر وعجز الأم عن الألمام بأصول القراءة والكتابة ، فهى كانت تقوم على الإيحاء للأبنة بذلك الأمر وهو ما صدقته الأبنة فى تلك المرحلة العمرية وهى ما أكدت عليها لطيفة فى معرض الفيديو ، حيث أخذ الإيحاء بذلك العديد من الآليات منها الإيماءات بالرأس أحيانا أو الرمش وقراءة عين الأبنه حين آخر .

أن كان مخرجنا العظيم يأمل فى استكمال موهبته الفذة فى مجال الإخراج إلى الأبد وهذا ما أشدد على يده فى فعل ذلك ، وأنه لأمر هام بالنسبة إلى علم الاجتماع فى دعم المواهب والكوادر الشابة فى المجتمع بوصفهم القوة الطليعية النهضوية فى المجتمع ومن أهمها الشباب القادرون على تحقيق أهداف التنمية والأهداف القومية على مستوى مجتمعي فأنى من هنا أذا أعلن دعما لا محدود له وتعاون مشترك معه لتحقيق هذا الهدف وهو ما تسعى إلى تحقيقه وحدة الأعلام السوسيولوجى -
ولعل أبرز القضايا التى يتناولها علم الاجتماع الثقافي والفنى إشكاليات متعلقة بما يسمى " سوسيولوجيا الإبداع الفنى " وتركز على العديد من القضايا التى تتناول بالدراسة و التحليل انعكاسات أوضاع المجتمع فى مجمل الأعمال الفنية ، باعتبار أن الفن مراءة للمجتمع وبعيداً عن المقولات النظرية التى تلقى فى هذا الصدد ، أرى أن المخرج أحمد عاطف بات على مشرفة من تحقيق رؤية علم الاجتماع فيه ، فالمجتمع المصري بات فى حاجة إلى سمة من الموهوبين المثقفين أصحاب الرؤية الفنية المحترمة التى ترقى على مستوى الطموحات والقيم الأخلاقية ، ذكاء مخرجنا يتبدى فى صناعة أخراج متميز ليس بمقاييس الأخراج فقط من حيث إمتلاكه الادوات الفنية والتقنية والتي أبدع بها يلاشك فى ذلك الأمر ،حيث تفتقت لديه القدرة على مزج الفكرة و السعي على جمع المادة التى تطوع فى يده وتخرج لنا هذا العمل المبهر ، حيث جاء فى نهاية الكليب ليجمع بين قيمه الوطن والتى اختزالها فى الأم ليوسع من نطاق الدائرة طولاً وعرضاً ليغزل من قيمة حب الوطن إلى الوطن بأبعاده المعروفة لنا جميعاً ، أذا يختم بأغنية للطيفة تتغزل فيها عن بلدها تونس الخضراء وهى بهذا وعلى نحو متابعتي الدقيقة لها فى جميع القنوات والمحطات الإذاعية حول الإشكالية التى قد تثار بين الحين و الآخر بين اللهجة والمقام فى مصر ، فأذا لطيفة المرأة العربية المثقفة والتى أعلت من قيمة القومية العربية فوق أى حسابات أو صراعات ، أحسمتها بذكاء مشكور لها بوصفها مطربة مسيسة دعت إلى الوحدة العربية مع احترام الأصول الثقافية والتاريخية المميزة لثقافات البلدان والأقاليم العربية ، فبما أن طاب لها هواء المقام والنشأة والعمل فى مصر ، إلا أنها تبقى فى النهاية تونسية الهوية عربية القومية إسلامية الديانة .. يحيا مخرجنا العظيم والذى أتحفني ببراعة أخراجه وأنى أذ بعد الأيام على حد قول لطيفة طمعا وشوقا للمزيد منه .
لتحمـــــــــــــــــيل الكلـــــــــــــــــــــــــــــيب أضغط هنا