ملاحظة هامة : هذه المقالة منشورة على كل من
موسوعة موحدة المعرفة

هل تخلى الاجتماعيين المصرين عن أنتمائتهم وأدوارهم المنوط عليهم أتجاه المجتمع المصرى ؟ عبر مسيرة أربع سنوات قضيتها بحثا ودارسة لعلم الأجتماع ومن واقع تجربتى الخاصة بوصفي أكثر ميلاّ الى تبنى رؤية تسعى الى خروج علم الاجتماع من تلك النزعة الأكاديمية والتى قصرت علم الاجتماع كتخصص ، بات المجتمع فى حاجة أليه يدور فى حلقة ضيقة من المناقشات التى تتبنى نزعة تشاؤمية تخلو من الموقف والفعل السياسى تحقيقاّ لمصالح بعض الاجتماعيين المعيشية ، تلك الرؤية التى سعى البعض فيها الى فصل ذات الاجتماعى عن الموضوع الذى يتناوله بالبحث والدراسة ، كما أن هؤلاء الاجتماعيين هما نتاج عن بناء اجتماعى ونسق اجتماعى يتأثرون بتلك التغيرات دون المشاركة الفعالة فى السعى الى محاولة تفسير وتشريح الموقف الحادث شانه فى المجتمع المصرى سبيلاّ الى تحقيق مصالح فئوية خاصة بهم من المكانة العلمية الشرفية ليس إلا ، أو المنصب السياسى أو الثروة ، أذا أننا امام نوع من سوسيولوجية علم الاجتماع من منطلق كيف طوع الاجتماعيين المصرين علم الاجتماع الى تحقيق والسعى الى تلك المصالح وكيف غابت عن هؤلاء الاجتماعيين بعض الأمور التى دعى اليها رواد النظرية الاجتماعية بخاصة ما طرحه رايت ميلز فى هذا الصدد ، حيث عالج دور العالم الملتزم بكونه قد يكون مستشاراّ للحاكم أو فيلسوفاّ له – وهو الأتجاه الذى سعى اليه معظم الاجتماعيين المصرين اما طوعياّ أو كرهاّ – أو ينحاز الى الجماهير المزيفة الواعى فى سبيل كشف النقاب عن القوة التى تسعى الى أمتلاك الآليات التى من شأنها تحقق المخططات التى يسعون إليها والتى تصب فى صالحهم فى الغالب الأعم ، بإتباع تلك الآليات بما فى ذلك أخضاع الجماهير جنبا إلى جنب تلك القوة – وهى فى رأينا تشكلت على ثلاث أبعاد ذات مصالح متداولة ، البعد الأول السياسة وهى ما يتم اختزالها فى الحزب الوطنى كبديل أوحد للحركة السياسية فى مصر أو تحالف رأس المال والثروة وما يتم أختزاله فى رجال الأعمال وهو ما يشكل البعد الثانى لتكتمل الحركة فى التشكيل بتحالف الأخطر أذا تتباين وتتبادل الأدوار فيما بين الثروة والسلطة معا ، وهذه الظاهرة الملفتة للأنتباه فى مصر ودول العالم الثالث ، عن غيرها من دول الرأسمالية الغربية حيث جرى العرف هناك على فصل السياسية عن مجال الأعمال ، على الرغم من الأتهامات المتكررة بتمويل رجال الاعمال لبعض الحملات الأنتخابية والتى تتصارع التحليلات الأولية بالنظر الى تحقيق مصالح تلك الفئة من أصحاب الأعمال فى مصر وهو ما لا يتحقق ولسبب بسيط أن للديمقراطية هناك قول فصل وشأن أخر عن غير ذلك النسق السياسى فى مصر أذا يرشح رجل الأعمال نفسه لتمرير قوانين وتشريعات تيسر من نجاح قطاعات الانتاج لديه وبالتالى تحقيق مكاسب رأسمالية وهو ما يفسر وجود ما يقارب من نسبة معبرة فى مجلس الشعب من رجال الأعمال – كما حدد رايت ميلز فى صورته التى جسد فيها نسق القيم لدى العالم الملتزم ، فيما يتعلق بنوعية ومنهجية الأبحاث التى من المفترض أن يجريها الاجتماعى على أن يكون فى نظيف ذات اليد ، وهى الصفة التى يشار إليها بتأثر مجتمع البحث بوجود الباحث بها .

ويعد طرح رايت ميلز السابق ذكره لبعض تلك السمات ، وهى الصورة التى ينبغى أن يتحلى بها رواد الاجتماع وتشكل قيمهم وأحترامهم لعلم الاجتماع ، بصفته العملية من الأساس ، أذا أننا نقع أمام ازدواجية يقع الاجتماعيين من خلالها فى شرك أعظم ما يكون خيانة علم الاجتماع ومبائه وقيمه وغرس قيم مشوهة عن العلم وصورة رواده المنتسبين اليه فى المجتمع ، أذا ما الحادث أن رواد الاجتماع فى مصر وقياساّ على قسم علم الاجتماع جامعة القاهرة للرؤية فى ذلك الأمر وضعاّ مختلف ، أصبحنا نطالع على صفحات الجرائد والمحادثات التى تتداول على شاشات الاعلام المصرى نماذج وصوراّ تعبر عن غياب قيم الاجتماع ، وحتى لا يكون الكلام مرسلاّ أو أشبه ما يكون بخواطر ، دعونا دون الافصاح عن ذوات هؤلاء الرواد الحديث تلميحاّ عن القيم والسمات المشتركة التى تربط بين الأجتماعيين المصرين وصور التقارب بين السلطة ممثلة فى أجهزة وأدارات الدولة بما فى ذلك طبيعة المراكز البحثية التى يعملون بها – سواء المشهور منها مركز المعلومات والمركز القومى للبحوث الأجتماعية والجنائية أو الجميعات التابعة الى رجال أعمال غير بائت النية فى إدعائهم الوطنيه وقيم القطاع الخاص الرشيد ودوره اتجاه المجتمع الذى يتواجد فيه .

لغة الخطاب السياسي

كما سبق أن أشرنا ان الاجتماعيين القاهرين – فى أشارة الى قسم الاجتماع جامعة القاهرة – هم نتاج سياق اجتماعى يتعايش فيه الأستبداد والتسلط السياسى والتنكيل بالمعارضين ليس بوصفهم خصوماّ سياسياّ وشركاء فى تنمية مجتمع بل أعداء جاز التعامل الامنى معهم وليس السياسى هو الخيار الوحيد من الأعتقال والتعذيب وما يشهده المجتمع المصرى من ديكتاتورية وهيمنة الحزب الوسط وسط أنسداد الأفق السياسى وضيق أمال الجماهير فى تداول سلطة حقيقى وديمقراطية برلمانية تستند الى دستور لا يقوم على التزوير وشراء الأصوات والذمم ، حيث جسد التراث الشعبى من الأمثال والمقولات ما يعبر بوضح عن ذلك الأمر – يا حيط درينى - أمشى جنب الحيط – بما فى ذلك الحرية الاكاديمية داخل جامعة القاهرة وهى أصبحت فى حالة يرثى اليها فى مئويتها الأولى ... ترى عبر تلك الكتابات أو اللقاءات أو غيرها ما يظهر فيها لغة الخطاب السياسى موحى بالموالاة الى تبنى رؤية الحكومة باعتبارها الرؤية الرشيدة ذات الأفق القويم وحتى لا أظهر بصورة المنشق عن رواد الاجتماع القاهرى أرى أن هناك تفسيراّ موحى فى ذلك الأمر ، أن الدولة ممثلة فى النظام البيروقراطى أستطاعت بذكاء تطويع الاجتماعيين فى مصر على جعلهم بوقاّ لهم .. يصدون بنفاذ بصيرة الحكومة فى تلك الأمور المتعلقة بمصير عموم الجماهير .. هل لديك تفسير أخر يتسم بكونه تفسيراّ فج .. نعم هناك أولى الأمر بشراء الذمة فكيف أتقاضى راتبا يقدر بالآلاف لأتحدث لما لا يروق لسياسات الحزب الوطنى .. أذا فالحياة وردى وشربات و70% من الشباب المصرى يرغبون فى دخول الجيش – أحصائية من مركز دعم المعلومات – و 60% من الشعب المصرى يرغب فى عقد سلام مع أسرائيل !! – أحصائية من المركز القومى للبحوث الأجتماعية والجنائية ، كثيراّ من يسأل عن مصداقية تلك النتائج التى سحبت الثقة من وجود مراكز ذات صفات أعتمادية من حيث دقة الاحصاءات التى يأتى بها ، وأذ صدق القول على دلالة تلك النتائج إلى من نوكل تلك النتيجة ، إذا بقى فى دائرة الأتهام مساعدين الباحثين والذين أوكد وأجزم أنه تتم تصفيته أنتمائتهم السياسية أولا ومد الوالات السياسية للحزب الوطنى متجسداّ فى عدم الفصل على مستوى الوعى بين أجهزة الحزب وأجهزة الدولة وبالتالى بقى على مساعد الباحث أو الباحث الميدانى ، فلترة الميدانى – أرجو أن أكون واهما بالإضافة الى أفتقاد هؤلاء الباحثين الى النزعة أو الشخصية العلمية فغالباّ لا تؤسس معايير ذات موضوعية فى الأختيار وفق تكافؤ الفرص أو الاخضاع لنظام تدريبى مكثف سوى شذرات هنا او هناك ليس إلا – صحيح أن خروج نظيف اليد من مجتمع البحث حال العمل الميدانى مثلما تشير المقولة الاجتماعية صعوبة فصل الذات عن الموضوع وأن مجتمع البحث لأبد أن يتأثر بصورة أو بأخرى بوجود الباحث ، لا أود الوغول فى ذلك الأمر ، سوى كشف النقاب عن الولات السياسية المولاة للحزب الوطنى سواء على مستوى رواد الاجتماعيين أو مساعديهم ، أذا الصورة أضحت معبرة عن تلك الاتهامات التى تكال إلينا فى الأعلام حول خروج الأجتماعيبن وضرورة فصل ذواتهم عن تبنى سياسات الحزب الوطنى ... ما أخشاه هو الحفاظ على الصورة البراقة لعلم الاجتماع ...كيف أدرس داخل القاعات مناهج تدعو الى الأنشقاق وكشف النقاب عن القوة التى تخضع المجتمع اليها وأشارك أنا من ناحية أخرى فى خلق الآليات الداعمة والساعية الى تحقيق تلك القوة من غرضها .. أو السعى الى الثروة والسلطة والمكانة الاجتماعية دون النظر الى الجماهير التى تعيش فى فقر مدقع وجهل ومرض يؤدى بهم والأنشغال بهموم ذاتية أو خاصة ، كيف يتحقق لنا ذلك الأمر .. لهذا ادعو أسرة الأجتماعيين الى تبنى ميثاق عمل جديد ذو أتجاه سياسى يتخذ من العلم صورته الحقيقة وليس القشور منها .. على أن يكون ذلك الميثاق بمثابة شرف الأجتماعى يمنح بصورة قيامه بالتزامه بقضايا الجماهير ومصالحهم ، لا يتغافل عن مصالحهم بمصالح أو مكانة شرفية واهمة .. أننا نعيش فى ازدواجية باتت فجة وتناقض مريع وتصنيف سياسى أكثر ما يستبعد ذو الكفاءات أولى العلم والقدر – وبالقطع لا أصنف نفسى منهم ..أو يجعلهم يؤثرون السلامة خشية التنكيل بهم سياساّ ... أعلم أن تلك المقالة سوف تحدث صدى أظهر من خلاله بصورة المنشق عن قسم الاجتماع بوصفة كياناّ أعتبارياّ فليس لدى أستعداد للإيمان بحرية الحزب الوطنى والتى هى بديلا عن قيمة الحرية مثلما وصفها رايت ميلز أو الأيمان بتزيف الوعى والتى هى بديلا عن قيمة العقل أو تصديق سياسات الحزب الوطنى أمين .. أمين والتى هى بديلاّ عن قيمة البحث عن الحقيقة .. أين الاجتماعيين ... دعونا نقرأ عليهم الفاتحة أذا ونترحم على رايت ميلز ....

التلميحات والاشارات التى وردت لا أعنى بها شخصاّ محددا او كيان أو صفة يتقلده أو منصب يتولى ادراته أنسان ...

This entry was posted on May 24, 2009 at 12:59 PM . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

1 انشر تعليقك على المقالة

سمسمة  

اسمح لى يازميلى العزيز ان اصفق لك وارفع لك القبعة تعبيرا عن اعجابى بهذة المقالة بالطبع انها من اجمل المقالات التى قرأتها فى حياتى وايضا سوف اعطى لك تعليقا انا من رأيى اننا ننظر للمستقبل اى للدفعات الجديدة للجيل القادم هو الذى سوف يقوم بكل هذة الافعال ولكن اذا اتيحت له الظروف لتحقيق كل هذا اى تحقيق الرفاهية حل مشكلة الفقر حل مشكلة البطالة ايضا من ضمن ماذكرته فى مقالتك الا وانه غياب قيم الاجتماع ان غياب قيم الاجتماع ياصديقى العزيز ليس بمحض ارادتهم بل نجبرين على ذلك لاننى باجد فى اغلب المناطق يهملون دور علم الاجتماع عالرغم من اهميته فى كل مكان وزمان لكنهم يغفلون دوره دائما اتمنى ان لا اكون قد اطالت عليكم وشكرا جزيلا على مقالتك هذة

May 25, 2009 at 10:50:00 PM GMT+3

Post a Comment