الحبس عقوبة الاستغاثة.. هذا ما حدث مع إسلام سالم خريج قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية والذي أرسل أكثر من استغاثة للعديد من المسئولين لتسوية وضعه الوظيفي في وزارة التربية والتعليم التي يعمل بها عامل خدمات بموجب المادة «25 مكرر» من قانون العمل وذلك بعد حصوله علي الليسانس.اضطر إسلام بعد أن قدم- دون جدوي- عدة شكاوي إلي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس الوزراء والجهاز المركزي للمحاسبات وديوان عام رئاسة الجمهورية من تيبس وضعه الوظيفي في وزارة التربية والتعليم عند المرحلة التي كان فيها حاصلاً علي الاعدادية ـ إلي الاعتصام بعدة ميادين في وسط القاهرة وعرض همومه علي «اللي رايح واللي جاي» حتي نفد صبره من تجاهل المسئولين لمشكلته، فقرر- ربما من باب التغيير- الاعتصام أمام الجامعة الأمريكية، لعل حالته تصعب علي أولاد الذوات فيجدون له حلاً. لكن في تلك اللحظة وجد نفسه في ورطة إذ أن وقوفه أمام الجامعة الأمريكية أثار قلق عناصر المباحث وأمن الدولة المتخفية في ملابس مدنية والتي نقلته في بوكس إلي قسم أول قصر النيل حيث أخذ وضعه أخيراً كمتآمر علي نظام الحكم.. وكان لـ«البديل» هذا الحوار مع إسلام سالم.



> متي بدأت وضع الملصقات في الشوارع؟



- أول نداء قمت بوضعه كان في 7 نوفمبر الماضي في ميدان التحرير وأمام وزارة التربية والتعليم ولكن لم يحدث شيء ولم يتعرض لي أحد فالكل كانوا يظنون أنني أعلق إعلانات، وثاني مرة قمت فيها بتعليق الملصق كان الناس يعلنون عن تضامنهم معي، قائلين «نحن معك» ولكن كل هذا دون جدوي وبعدها علقت ثالث ملصق فأخذوني وقتها إلي قسم الشرطة ثم إلي أمن الدولة لأن ذلك كان أمام الجامعة الأمريكية.



> هل لجأت إلي أحد قبل تعليق الملصقات لكي تقدم شكواك؟



- بالفعل، قدمت شكوي لمحافظ المنوفية قبل وضع النداء الثاني وقابلني مدير مكتبه وكان رجلاً محترما جداً وأسلوبه جميلا جداً وقال لي ما هذا؟ معبراً عن استنكاره للورق المكتوب علي الكمبيوتر مع أنني موقع في نهاية الورقة بخط يدي ولم يكن يريد أن يتسلم الشكوي لدرجة أنه عندما أخذها علي مضض لم يقبل أن يعطيني رقماً للشكوي.



> هل لدي المديرية اكتفاء بعدد المعينين؟



- عندما فتحت مديرية التربية والتعلمي بالمنوفية الباب أمام الحاصلين علي مؤهل أعلي أثناء الخدمة لتسوية حالتهم الوظيفية وتقدمت بطلب بتاريخ 15/3/2008 مستوفي جميع المستندات المطلوبة لكن لجنة شئون العاملين بالمديرية رفضت في جلستها المنعقدة بتاريخ 22/10/2008 تسوية حالتي الوظيفية علي الرغم من وجود عجز صارخ في الإخصائيين الاجتماعيين بالمدارس، وعلي الرغم من ذلك فقد وافقت نفس اللجنة علي تسوية حالة بعض العمال الذين عينوهم «بالكوسة».

> ما قصة إلقاء القبض عليك؟
- جعلوني أتردد قبل وضع أي ملصق فعندما أمسكوا بي يوم 22 من نوفمبر الماضي وكنت في ميدان التحرير عند محطة المترو بجانب الجامعة الأمريكية، وجدت أمامي شخصاً يرتدي ملابس مدنية، ويقول لي بتعمل إيه فقلت له أعلق نداء فقال لي أين بطاقتك، وعلمت بعدها أنه من المباحث واقتادني إلي مكان مخصص لهم واتصل بالهاتف وأتي ضابط آخر يرتدي ملابس مدنية «رئيس المباحث» واتصل باللاسلكي الذي في يده، وقال لي «إحنا بنحاول نحل المشكلة بتاعتك» وأخذوا النداءات التي كانت معي والغراء كحرز في شنطة واتصلوا بأمن الدولة.
> هل هي أول مرة يتم إلقاء القبض عليك؟
- نعم ففي البداية لم يكن أحد يتكلم عندما أعلق الملصقات فكانوا يظنون أنها إعلانات، لكن في آخر مرة كنت أعلق فيها في نفس المكان وجدتهم ينتظرونني فما أن علقت النداء حتي قبضوا علي وقلت لهم «أنا معملتش حاجة» ووجدت «بوكس» ومعاه ضابط بـ 3 نجوم ومعه عسكري وذهبوا بي إلي قسم أول قصر النيل وكل ضابط يقابلني في القسم يسألني عن الموضوع وبعدها قام أمين شرطة باستجوابي «س» و«ج» وكان هو الذي يجيب وقال لي «علشان متغلطش» ودخلت الحجز وبعد ذلك أخدوني إلي نيابة عابدين لمدة ساعتين ووصلت إلي حجرة وكيل النيابة وبدأ يسألني عملت كده ليه؟ ولماذا لم تلجأ إلي الطرق القانونية؟ قال لي بالحرف الواحد «أنا ممكن أقرفك وأديلك 15 يوم في 15 يوم» فقلت له «ليه أنا معملتش حاجة وتهمتي الوحيدة هي وضع الملصقات علي الحائط» فقال لي لو تركنا كل واحد يكتب علي الحائط لظهر واحد غداً يشتم في رئيس الوزراء وحسني مبارك، وقال وكيل النيابة للضابط اعمل محضر وافرج عنه اليوم، ولكنهم حققوا معي ورجعت إلي الحجز وجلست فيه فترة وبعد ذلك وجدتهم يطلبون مني التوقيع علي ورقة أخري وبالفعل وقعت دون أن أعرف ما بها.

> ما الأسئلة التي وجهوها إليك؟
- من أوحي لك بالفكرة؟ وهل أنت مشترك في أحد الأحزاب السياسية؟ وماذا تريد من ذلك؟> هل تركوك بعدها؟- لا.. رجعت الحبس لمدة ساعة أو اثنتين وجاءت سيارة الترحيلات ووصعوا في يدي كلابشات وذهبت إلي قسم قصر النيل العربية «زبالة» بلا تهوية والله يكون في عون المساجين وأوقفوا السيارة لمدة 20 دقيقة وكدنا نختنق بداخلها ثم ذهبت مرة أخري إلي قسم قصر النيل في الدور الثالث
ما الذي شاهدته هناك؟
- الناس كلها بتتضرب لغاية ما تتهري وواحد عينه ورمت من كتر الضرب، وآخر أخده الضابط تحري وقام بضربه علي وجهه قلمين لأن الضابط تعثر وهو ماشي فابتسم الرجل فثار الضابط، وآخر يقولون له وهو واقف اجلس فيجلس فيضربه ويقول له لماذا جلست. وبعدها قابلت رئيس المباحث فقال لي ما الذي فعلته لو انت «زهقان» فيه 80 مليون واحد زهقان في البلد دي، وبعدها أخرجوني فجلست من 30.4 حتي 30.12 بعد متنصف الليل وسمعتهم يقولون المفروض «الواد» بتاع المنشورات يمشي ولكن كان غرضهم إذلالي وتعذيبي.> هل تعرضت للضرب؟- لا مقدرش حد يضربني فقد هددت باللجوء لـ «البديل» وحقوق الإنسان فلم يضربني أحد وبعدها ذهبت إلي الحبس.> هل سألت أحداً من الضباط إلي أين يأخذونك رغم أنه من المفترض أن يتم الإفراج عنك؟- لا فأي حد تكلمه هناك يعرضك لجميع أنواع الاستهزاء والإهانة والشتيمة.> إذن إلي أين أخذوك بعدها؟- وجدت نفسي في لاظوغلي بعد أن عصبوا عيني وفي أمن الدولة أو المركز الرئيسي بتاعهم أدخلوني بوابات وممرات وأنا معصوب العينين ووجدت الناس هناك يبدون كأنهم موجودون منذ أيام، فملابسهم متسخة وكان هناك أيضاً أشخاص يمني وسوري وسوداني وبعدها وجدت عسكري يجري ويقول «فين بتاع المنشورات» وعلي فكرة ممنوع أن يطلع العسكري الدور الثاني حتي أنني سمعت رجلاً يقول لهم أريد أن أطلع فوق، فقالوا له تتضرب بالنار لو طلعت، ووجدت نفسي أمام مكتب فخم خلفه ضابط كبير وبدأت أقول له أنا تعبان ومانمتش من امبارح، فقال لي لماذا علقت ملصقات؟ فقلت له لو عندك مشكلة فإلي من تلجأ بالتأكيد لوالدك وقد توفي والدي منذ 20 عاماً، فلجأت إلي مبارك.. ولم يرد علي، وقال لي هل أنت مشترك في تنظيم سياسي؟ فقلت له لا. وبعدها أنزلوني مرة أخري وأجلسوني علي الأرض لمدة ساعتين وعصبوا عيني وأخرجوني وركبت سيارة الترحيلات وعدت لقسم قصر النيل حوالي الساعة 5 أو 6 وسمعتهم يقولون سيبوه قاعد لحد ما «حاتم بيه» ييجي، وقالوا لي انت هتخرج النهارده بس خد بالك الدائرة بتاعتنا مايتلزقش فيها ورق بما معناه ماتطلعش من شبين الكوم، وتركوني جالساً حتي الساعة 30.10 وكأنهم يقصدون إرهابي وبعدها أخرجوني من غير مقابلة حاتم بيه.
إذن ما الخطوة القادمة التي تنوي القيام بها؟
- سأذهب وأضع النداء الرابع والخامس والسادس أمام جمعية شباب المستقبل والهلال الأحمر والحزب الوطني وأمام الوزارات سأعتصم أمام مجلس الشوري ولكنني سأربط يدي أمام المجلس حتي لا يستطيعوا أخذي
لماذا مجلس الشوري؟
- أظن أن البهدلة ستكون أقل من لو فعلت ذلك في مجلس الشعب.

وما راتبك الآن؟
- عندما عينت في البداية كان راتبي من 80 إلي 85 جنيها الآن 210 جنيهات وعندما فكرت في الزواج وجدت أن ثمن تأجير الشقة 350 جنيها وعندما كنت في أمن الدولة أحسست أنني أواجه مجتمعا بأكمله وكان نفسي أبكي.

لماذا في كل نداءاتك كنت تكتب استغاثة إلي رئيس الجمهورية؟
- لأنه في كل خطاب في التليفزيون يؤكد علي مبدأ العدالة الاجتماعية فأين هي المساواة؟ وكيف أن قسم شرطة قصر النيل الذي يقال إنه القسم الوحيد الذي حصل علي شهادة في حسن معاملة الناس، أري الجميع فيه يضربون ويهانون وكانوا هناك يقولون لي احمد ربنا انك هنا لو قسم تاني كنت اتبهدلت وشفت معاناة.
> هل تعرضت لأي اضطهاد في العمل بعد القبض عليك؟
- طبعاً في الشغل «ظبطوني» وبعد العيد بدأت في تطبيق النوبتجيات وكنت في البداية أذهب
وأحضر طعام الإفطار فرفضوا خروجي من البوابة وسينزلونني كعامل خدمات في المدرسة كما سمعت أنني سأنقل إلي أشمون






تعليق المدونة



على الرغم من ابتكارك وتطويرك لبعض الآساليب الاحتجاجية السلمية , وشجاعتك التى تحسد عليها بتوجيه نداءات الى رئيس الجهورية باعتباره يشكل راْس الامر فى مصر , واحاديثه التى سئمنا منها حول العدالة الاجتماعية والمواطنة ..الخ .



لخطواتك الجرئية تلك التى تعكس سوسيولجية علم الاجتماع فى راْى , بما يشير الى ان علم الاجتماع انطبع وشكل سلوكك والذىظهر فى تحركك الميدانى الفعال من آختيار الاماكن التى لصقت فيها الاعلان , هذا من جهة ومن جهة اخرى عدد النداءات الخمس التى تم توجيهها الى رئيس الجمهورية , إيمانك بحقك فى الحياة والعيش , لتعلم كم يقدر آلمى حينما اطلعت باْتك خريج قسم علم الاجتماع , كانت طامتى عن جد كبرى فى المجتمع الذى لايقدر اْهل العلم السوسيولوجى, من هذا اعلن عن تضامنى ومؤازرتى لك , ليس انا فقط بل ادعو كل المؤمنين بآهمية وجسارة الدور المنتظر لعلم الاجتماع فى مصر .

شجاعتك كانت وبلا شك فى حقك فى التعبير الحر وعدم خشية النظام الطاغى فى مصر , جرآتك لن يجرؤ ان يقوم بها
تكنوقراطى فى علم الاجتماع...للتضامن اتصل باسلام على 0103782779 .
قريبا حوار خاص مع الزميل اسلام يجريه الزميل عمرو قريبا .

This entry was posted on Dec 17, 2008 at 9:02 PM . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

0 انشر تعليقك على المقالة

Post a Comment